التمديد لأعضاء المجالس البلدية تعثر مكلف
من موقع الإطلاع والمسؤولية (أكد نائب وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وجود نية لتمديد فترة عمل أعضاء المجالس البلدية حالياً) جريدة الوطن 1/2/2009.
ومن موقع المواطنة والمعايشة والشعور بأهمية التجربة وتكرارها لتكريس ثقافة الانتخاب والمشاركة، أرى أن التمديد لأعضاء المجالس البلدية تعثر في التجربة، ورجوع للوراء، وزمن طويل ينسي التجربة الماضية ويثبط الحماسة التي عُهدت من المواطنين حينها.
إن الطموح في تجربة مقبلة راقية تستفيد من المنظمات العالمية والدراسات المتخصصة والتي أشار إليها سمو الأمير بحسب الجريدة المذكورة بقوله: (أن هناك لجانا شكلت بمشاركة خبراء من منظمات عالمية كهيئة الأمم المتحدة ومتخصصين في القانون الإداري لدراسة نظام المجالس البلدية المعمول بها حاليا، وتم توزيع استبيانات على جميع أعضاء المجالس البلدية للدراسة وأخذ رأيهم في النظام الحالي. وأكد سموه أن الدراسة لم تكتمل) ينبغي ألا يؤخر الانتخابات عن موعدها المحدد.
فلو قدر للانتخابات أن تحصل في زمانها الطبيعي فسنلحظ وعيا أهليا كان مفقودا في الانتخابات السابقة، ولد هذا الوعي وترعرع من صميم التجربة ومعايشتها بحلوها ومرها، وهو لا يقل ثمنا عن الدراسات الورقية المكتوبة والنصائح الذهبية التي ستقدمها مختلف اللجان والمنظمات الدولية والعالمية.
وفي تصوري هناك ما يرتبط بالقوانين والنظم والمواد التي ستقوم عليها المجالس البلدية، والتي ستنعكس على توسيع أدوارها ومهامها وتقاطعها مع بقية كيانات الدولة المرتبطة بها، وهو جانب يحتاج إلى توجه وعناية، وهناك في الزاوية الأخرى ما يرتبط بحراك المجتمع وإنضاج تجاربه وتعزيز ثقافة الانتخاب لديه عبر الممارسة الحكيمة وتجاوز الثغرات التي لحقت بانتخاباته السابقة، والمستحسن أن لا نسند جانبا على حساب الجانب الآخر.
إن الحديث عن المجالس البلدية هو حديث على مستوى مساحة المملكة وتعدد مناطقها ومحافظاتها، وغير خاف أن بعض المجالس قد تعرضت لخلل لا يسمح لها بالبقاء أكثر من مدتها المقررة بسبب انسحاب بعض أعضائها المنتخبين، وقد تحدثت صحافتنا عن هذا الأمر كثيرا، وهناك مجالس مشلولة الحركة قليلة الفاعلية، ينعكس ذلك في غيابها عن محليات الجرائد الصادرة في مناطقها، كما أن هناك أعضاء كان جل همهم أن يفوزوا ويصلوا، وحين وصلوا وجدوا أن أعمالهم ومشاريعهم الشخصية لا تترك لهم متسعا للخدمة والعطاء، والتمديد مع وجود مثل هذه الحالات في المجالس والأعضاء مضر ومزعج.
إن حصول الانتخابات في موعدها يساعد في تعديل ما هو قائم وإصلاح ما حلّ به من خلل، ويساهم بشكل كبير في تجاوز ما رافق الانتخابات السابقة، والذي تحدثت عنه الكثير من الكتابات والآراء التي أعقبت الإعلان عن نتائجها، فالكثير من الكفاءات الوطنية خسرت بسبب مواقف لا ربط لها من قريب أو بعيد بالمهمة التي كانت ستقوم بها، لكن المزايدات التي تلبست بالعواطف الدينية حالت بين كفاءتها وبين تصويت الناس لصالحها، وكأننا كنا سنختار قاضيا أو فقيها.
كما أن الكثير من الطاقات المميزة خسرناها في التجربة الأولى بسبب ظروف ما حالت دون أن نستفيد من إمكاناتها وعطائها، وأحيانا عزفنا عنها بسبب شعاراتها الواقعية، فالشعارات الكبيرة كانت تجذبنا أكثر وإن كانت بعيدة المنال، وها هي الأيام قد كشفت لنا كم كانت الشعارات التي رفعها الفائزون كبيرة وراقية، وكم كانت الممارسة بعيدة عن تحقيق حتى(50 %) منها، مع تفهم وقبول العذر فيها بحداثة التجربة وقلة الخبرة، والارتباك في المهام التي يشوبها الوضوح حتى هذه اللحظة.
تلك الجوانب السلبية التي سيعالجها المجتمع في الانتخابات المقبلة لا تمنعني من استحضار الجانب الإيجابي كسبب إضافي يدعوني للمطالبة بحصول الانتخابات في موعدها، فقد وقفت ووقف أهل بلدي أمام صندوق للانتخاب، وتعرفت على أناس يكتبون برامجهم الانتخابية ويشافهون الناس بها في أول تجربة لهم، وانتشرت في ساحات منطقتي الخيم الانتخابية، وسمعت أحاديث المجالس محملة بهم الانتخاب.
نعم لقد أصبح لدينا مركز انتخابي في منطقتنا، وامتلك الكثير منا بطاقة ناخب، وأفرزت مختلف مناطق المملكة لجانا لتسويق المرشحين، ولجانا لأيام الانتخاب وشبابا شعروا بالحيوية والعطاء.
يمكن لسمو الأمير(وكل الشعب يشد على يديه) أن يطور التجربة فالتطوير مهم، لكي تدخل المرأة ناخبة إن لم تكن منتخَبة أيضا، ولكي يتسنى لأبناء الثامنة عشرة من العمر المشاركة، وليكون جميع أعضاء المجلس بالانتخاب، ولتكون الفاعلية للفائزين أحسن مما هي عليه بفعل القوانين الواضحة واللوائح الشارحة والميزانيات الكافية.
لكني أتمنى أن تكون الثقة بقدرة الشعب على تطوير التجربة وتراكم مدلولاتها، وتجاوز عثراتها حاضرة ومثمنة بالثمن الذي نتأمله من الدراسات المنتظرة.