نحو استثمارٍ أفضل لعطلة الصيف
وقد بدأ سماحته الحديث حول الآية الكريمة فقال: إن الخطاب فيها موجهٌ لرسول الله ، وقد اختلف المفسرون حول مضمون الآية الكريمة إلى عدة أقول:
1- قال البعض إن المعنى من الآية: إذا فرغت يا محمد من مهام التبليغ والدعوة إلى الله تعالى فانصب وتوجه لعبادة الله سبحانه.
2- وقال آخرون: إذا فرغت من أمور الدنيا فانصب لأمور الآخرة.
3- وقال البعض الآخر: إذا فرغت من الفريضة فانصب للنافلة.
وبعض هذا العرض السريع لآراء المفسرين قال سماحة الشيخ: كل هذه الآراء تتمحور حول المصاديق الخارجية، ولكن جوهر الآية هو أنك إذا فرغت من مهمةٍ فانصب إلى مهمةٍ أخرى ولا تبقى دون عمل، بغض النظر عن المهمة التي كنت تقوم بها والمهمة التي ستقوم بها.
وقال سماحة الشيخ: ينبغي أن تكون هاتان الآيتان عنواناً لكل إنسانٍ مسلمٍ واعٍ.
ثم انتقل سماحة الشيخ للحديث عن الفراغ والعطلة الصيفية وبدا حديثة بالمقدمة التالية:
بعد أن انتهى الطلاب والطالبات من عناء الامتحانات إذ تُشير بعض الدراسات أن هناك البعض من الطلبة والطالبات يصاب بالإغماء أو بحالات نفسية نتيجة الإعياء والتعب الذي ينتابه من أرق الامتحانات. ولكن بعد هذا الجهد الجهيد وبإطلالة العطلة الصيفية والتي تستمر لمدة ثلاثة أشهر يعيش الطلاب والطالبات فراغاً كبيراً. والفراغ يعني: الوقت الذي ليس فيه عملٌ ملزمٌ للإنسان.
ثم تساءل سماحة الشيخ: ماذا يفعل الأبناء والبنات في هذه العطلة الصيفية؟
وكانت إجابته على هذه التساؤل: ينبغي أن يكون هناك اهتمامٌ جاد لإفادة الطلاب والطالبات من هذه العطلة الصيفية بوجود برامج يُشاركون فيها حتى لا يتضررون من الفراغ. يقول الرسول الأعظم : «إن الله ليبغض الصحيح الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة»؛ ويقول الإمام علي : «إذا كان العمل مجهدةً، فإن الفراغ مفسدة».
وخصوصاً وأن الطلاب والطالبات يعيشون في فترة الشباب وهي أهم مراحل الإنسان إذ يكون فيها قوياً قادراً على العمل وبذل الجهد.
ولذا كان من الضروري استغلال العطلة الصيفية لما فيه منفعةٌ للطلاب والطالبات في مختلف الجوانب، ومنها:
أولاً- تكميل النواقص ورفع الكفاءة.
ثانياً- رفع مستوى المعرفة والوعي والثقافة.
ثالثاً- كسب الخبرات العملية.
رابعاً- المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
لكل هذه الأمور ينبغي أن يكون هناك توجهٌ من فئات المجتمع لوضع برامج تستقطب الطلاب والطالبات حتى لا يعيشوا الفراغ الذي قد يضر بهم. والمهمة تقع على الجميع: المؤسسات الحكومية، والأهلية: من جمعياتٍ خيرية، وأندية رياضية، وأنشطة اجتماعية.
ثم أشار سماحة الشيخ إلى مجموعة من البرامج الموجودة على أرض الواقع ولكن ينقصها التجاوب والتشجيع:
يوجد في المنطقة الشرقية (16) مركزاً صيفياً منها أربعة مراكز في القطيف متوزعة على أربع مناطق: سيهات، القطيف، تاروت، وصفوى. ونتيجة لعدم التجاوب مع المركز الصيفي في صفوى فقد ألغي هذا المركز، وبقيت المنطقة بثلاثة مراكز مع أنها بحاجة إلى ما لا يقل عن عشرة مراكز لو كان هناك تجاوب.
وأشار سماحة الشيخ إلى أن هذه المراكز الصيفية لها ميزانية خاصة من قبل إدارة التعليم، وإدارة ومعلمون يقومون بتوجيه الطلاب. وهناك برامج مفيدة تشغل أوقات الطلاب المشاركين في البرنامج الصيفي. وما يُلاحظ أن التجاوب من المناطق الأخرى أكبر من منطقتنا من جانب الطلاب وكذلك من جانب المعلّمين المتطوعين مع أن هذه المراكز الصيفية تُعتبر فرصة لتوجيه الطلاب.
كثير من الجمعيات عندها برامج صيفية، ولكن ينبغي مضاعفة هذه البرامج، إذ من المناسب أن يكون هناك برامج تستقبل المتطوعين من الجامعيين وغيرهم وإشراكهم في دورات عمل لصالح الجمعية حتى يكتسب هؤلاء خبرة عمل، ومن ناحية أخرى قد يتفاعلون مع نشاط الجمعية ويكونون أعضاءً فيها مستقبلاً.
وكذلك الأندية الرياضية ينبغي أن تستقطب الطلاب في فترة الصيف حتى يستفيدوا من العطلة في بناء أجسامهم. وهناك –على سبيل المثال- في مدينة الأمير نايف الرياضية بالقطيف- برامج رائعة تُفيد الشباب وتُملي وقت فراغهم.
ينبغي أن يستغل علماء الدين العطلة الصيفية استغلالاً كبيراً بتكثيف الدروس الدينية والثقافية من أجل توعية الجيل الناشئ. وينبغي أن يكون في كل مسجد حلقة من الدروس الدينية والتوعوية.
يوجد في مجتمعنا مجموعة من البرامج الصيفية التي يقوم بها الشباب وينبغي أن تأخذ هذه الأنشطة دورها في المجتمع بدعمٍ وتشجيع من مختلف الجهات في المجتمع.
وقال سماحة الشيخ: إن على الآباء أن يبذلوا من أموالهم حتى تأخذ هذه الأنشطة مكانها في المجتمع.
ثم قال سماحة الشيخ: ينبغي أن تكون هذه الأنشطة عوضاً عن البرامج الفاسدة التي تُريد تمييع الشباب واستقطابهم إلى الجهات الإجرامية. إذ أن هناك دراسات تُشير إلى أنه في كل عطلة صيفية تستقبل الفئات الإجرامية أفواجاً جديدةً. وهذا يضع على عاتق العاملين مهمة جديدة في استقطاب الشباب للأنشطة الدينية حتى لا ينجرفوا مع الفئات الإجرامية.
ومن جانب آخر أشار سماحة الشيخ: أن هذه الأنشطة ينبغي أن تأخذ مسألة الترويح عن النفس بعين الاعتبار إذ من المناسب أن يكون هناك رحلات كشفية، أو برامج ترويحية، تُعيد النشاط لدى الشباب. وبذلك تكون الأنشطة الصيفية طريقاً لإبعاد الشباب عن الفساد.
وأشار سماحة الشيخ في حديثه إلى مسألة الفتيات فقال: إن البنات في مجتمعنا مظلومات إذ لا يجدن الفرص الكافية لشغل أوقات الفراغ وهن بالتالي أكثر عرضةً للتجاوب مع الدعايات المنحرفة التي يرينها عبر شاشات التلفاز والإنترنت.
وقال سماحة الشيخ: إن الفرص متاحة للأولاد أكثر فبإمكانهم الخروج هنا وهناك، أما البنات فالفرص أمامهن ضئيلة مع محدودية الأنشطة النسائية. ولذا ينبغي الإلتفات لهذا الجانب بتكثيف وتشجيع الأنشطة النسائية ودعمها حتى تستوعب الفتيات.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.