مؤسسات للتنمية الأسرية
ليست هناك علاقة في العالم البشري أكثر عمقًا وانفتاحًا من العلاقة الزوجية. وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه العلاقة بمصطلحات فريدة من نوعها فهي سكن للطرفين: ﴿خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾. ولها علاقة الجسم باللباس: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾. حيث يحمي اللباس الجسم، ويستره، ويزينه، ويلتصق به. كذلك الانفتاح الكبير بين الزوجين. وعبّر عنه بالافضاء: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾.
منغصات العلاقة الزوجية:
العلاقة الزوجية واسعة في زمنها وميادينها لذا فاحتمالات الاحتكاك فيها تكون أكثر من أي علاقة محدودة زمنياً. فيشوبها ما يفسدها، حيث لكل زوج طبائعه الخاصة، وقد لا يتفق مع زوجه عليها. كذلك ضغوط الحياة وصعوبتها، حتى الأجواء وقسوتها كالصيف لها أثر كما تشير بعض التقارير. ثم إن حالة الانفتاح الاعلامي والثقافي تسربت من خلالها كثير من القيم وأنماط السلوك التي أثرت على بساطة الحياة التقليدية في مجتمعاتنا.
من يحل المشاكل الزوجية؟
إذا وقعت المشكلة بين الزوجين، فعليهما حلها بنفسيهما، ولكن إذا صعبت، فيأتي دور العوائل. ينبغي أن يكون للعائلتين موقف مسؤول يسعى للصلح، لا أن يؤجج المشكلة ويفاقهما. وإذا لم ينفع دور العائلتين، يأتي دور المجتمع. فالخلافات الزوجية لا تبقى في حدودها، وإنما تترك آثارًا في المجتمع. لذا فالكل مسؤول.
مأسسة إصلاح ذات البين:
في السابق كان إصلاح ذات البين يتم بشكل فردي، يقوم به كبير القوم، أو كبير العائلة. ولكننا الآن بحاجة إلى مأسسته حيث ان الأمور تعقدت، والحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تطورت، نظرًا لتغير ظروف الحياة ومتطلباتها، ونظرًا لازدياد التعداد السكاني، فنحتاج إلى مضاعفة العدد والعمل، كما كنا في السابق نحتاج طبيبًا واحدًا والآن نحتاج مستشفى كاملًا. في الدول المتقدمة الغربية، تجد عددًا كبيرًا من المؤسسات لمعالجة أسباب المشاكل الزوجية ومحاولة حلها، وفي بلادنا بدأ هذا الاهتمام ولكننا نشكو من نقص في المؤسسات، والدراسات، ومن العاملين. وعلينا ألا نعتمد على الدعم الرسمي فقط، فالحمد لله لدينا أهل خير وأهل خبرة. وينبغي أن ندرك عمق التحديات التي نواجهها في هذا العصر، وأن نسعى لحل مشاكلنا، ومراجعة واقعنا.