النية الحسنة دافع الإنجاز
يتمايز الناس فيما بينهم، قسم منهم تكون حياتهم زاخرة بالمنجزات ومليئة بالحركة والنشاط، فلا يغادرون هذه الحياة إلا وقد تركوا بصمات واضحة عليها، وأوجدوا تغييرًا ملموسًا في المحيط الذي يعيشون فيه. بينما قسم آخر منهم لا يغيرون شيئًا ولا يتركون لهم أثرًا، يأكلون ويشربون وينامون ويستمتعون، لكن ليس لهم انجازات تذكر، وعطاؤهم لمن حولهم معدوم. فلماذا الفرق بين هذين الصنفين من الناس؟ بين ناشطين منجزين، وبين راكدين خاملين؟
في كثير من الأحيان تكون هناك تأثيرات تدفع كل صنف للنمط الذي يحذوه، ولكننا عند التأمل نجد أن الفرق الأساسي بينهما يتمثل في النية الصالحة، والهمة العالية.
قسم من الناس تجد أن لهم نية صالحة، وهمة عالية، بدواخلهم أفكار وتطلعات يسعون لإنجازها، ويجدون راحتهم في انجازها، وقسم آخر من الناس يشفقون على أنفسهم ليس فقط من أداء الشيء بل حتى من التفكير فيه، والتطلع إليه، فتنتابهم هيبة حتى من النية في أن يعملوا شيئاً.
ولتقريب الصورة أكثر، خذ مثلًا موقف أناس أمام جبل شاهق، سيطرح البعض على نفسه هل أصعد وأصل إلى القمة، أم لا؟ فيعزم ويعلو الجبل، بينما ستجد آخرين يتهيبون حتى من التفكير في الأمر، ومجرد تخيل صعود الجبل يأتي له بدوار رأس، ويشفق على نفسه.
والإنسان عليه أن ينوي فعل الخير بداخله، ويسعى لتحقيقه، فالنية أول خطوة لتحقيق النجاح. وكما قيل: ما رام امرؤ شيئًا إلا وصل إليه أو دونه.
وهناك نصوص كثيرة تشجع الإنسان على مجرد النية الصالحة، وهذا لا يعني العيش على الأماني، ولكن النية الصالحة تدفع صاحبها إلى تحقيق هدفه. ورد عن أمير المؤمنين: (النية الصالحة أحد العملين). وبمجرد النية يثيبك الله تعالى كما ورد عنه أيضًا: (إحسان النية يوجب المثوبة).
أولا: من أجل أن يعود الإنسان نفسه على التفكير في عمل الخير والصلاح، وهذا بحد ذاته يوجب المثوبة.
ثانيًا: النية الصالحة تجعل أفق الإنسان الفكري والنفسي واسعًا. كل إنسان من طبيعته أن ينشغل بشيء ما، هذا الشيء الذي يملأ فكرك إما أن يكون سامياً يرتقي بك، أو تافهاً ينحدر باهتماماتك.
أخيرا: النية مفتاح الانجاز. كما في قول الإمام الصادق : (ما ضعف بدنٌ عما قويت عليه النية). مجرد أن تنوي فعل الشيء فإن قدرتك التي أودعها الله تعالى فيك تدفعك إلى صنع المعجزات. انظر إلى ما حولك من المنجزات ستجدها كانت مستحيلة، وبعضها ما كان يخطر ببال، ولكنها تحققت، لأن من حققها نوى وسعى لتحقيقها. الإنسان يكبر بنيته وهمته، كما ورد عن أمير المؤمنين : (قدر الرجل على قدر همته، وعمله على قدر نيته).