جريدة اليوم تنشر قراءة لكتاب: العمل والفاعلية طريق التقدم
يعتبر العمل جزءًا أساسيًا ومكونًا مهمًا في عملية البناء الحضاري ، وحينما جاء الإسلام حث فيما حث عليه على العمل ، فكرم الإسلام اليد العاملة حتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبلها، وليس المطلوب من الإنسان أن يعمل فقط ، بل عليه أن يتقن العمل ، فالله يحب إذا عمل الإنسان عملاً أن يتقنه ، ولهذا نلاحظ أن العرب بعد الإسلام استطاعوا أن يبنوا أكبر حضارة كانت ركيزة أساس للحضارة التي نعيشها الآن ، من قبائل مشتتة متناحرة فيما بينها ، إلى فتوحات إسلامية امتدت حتى أوروبا ، إلى حضارة الأندلس التي لا تزال إلى الآن تقف شامخة أمام العيان.
كل هذا نتيجة العمل المتواصل الذي اعتمده المسلمون؛ كي يحققوا مبتغاهم، وهذا ما تحقق لهم، من جديد يطل علينا سماحة الشيخ الصفار بكتاب يتحدث عن العمل والفاعلية اللذين يحققان طريق التقدم، هو كتاب من القطع المتوسط، بلغت عدد صفحاته ثمانين صفحة، جاء في طبعته الثانية، وضم أربعة مباحث، جاء المبحث الأول ليتحدث عما بين العمل والأمل، وجاء المبحث الثاني يتحدث عن إرادة العمل، أما المبحث الثالث فتحدث فيه عن العمل والفاعلية في رؤية الإسلام، وتبعه المبحث الرابع الذي تحدث فيه عن كيفية عمل الآخرين، واختتمه بالمبحث الخامس الذي تحدث فيه عن إتقان العمل.
يقول سماحة الشيخ في مقدمة كتابه: «إرادة العمل تعني نفش غبار الكسل والخمول ، ورفض منطق التبرير والتواكل ، وتحدي المشاكل والصعوبات ، وتحمل المشقة والعناء. الكثيرون منا يفقدون هذه الإرادة ، ويتذرعون بمختلف الحجج والأعذار ، ويلقون باللائمة على غيرهم من جهات وأوضاع . والكثيرون يشفقون على أنفسهم بذل أقل جهد أو تحمل أبسط عناء . وإرادة العمل إذا ما تفجرت وأشرقت في نفس الإنسان ، انعكست أشعتها وآثارها على مختلف جوانب حياته ، فبها يتفتق ذهنه عن الخطط والمشاريع ، وينتج عقله الآراء والأفكار، وتنشط حواسه وأعضاءه للحركة والأداء.
ويبين سماحة الشيخ في مبحثه الأول أن هناك ثلاثة عوالم تحيط بشخصية الإنسان وتتفاوت من حيث التأثير على واقع حياته هي : عالم الآمال والتطلعات ، وعالم الأفكار والمعتقدات ، وعالم السلوك والأعمال.
ويعزوا سماحة الشيخ الصفار الظروف التي يعيشها أبناء هذا الجيل في نشأتهم ومقتبل أعمارهم، ورغبتهم في الراحة والدعة ، وعزوفهم عن الكدح والعناء إلى مبالغة بعض العوائل وخاصة الموسرة منها في توفير أجواء الرخاء والرفاهية لأبنائها، وتلبية كل مطالبهم الكمالية فضلاً عن الضرورية، وتوفير السيولة النقدية بأيديهم، ليصرفوا وينفقوا دون أن ينالهم شيء من عناء الكسب، كما يشير إلى أن العمل قوة ونشاط، فحينما يعمل الإنسان ويتحرك ، فإنه في الوقت الذي يعطي فيه ، يكون قد أخذ أكثر مما أعطى ، ذلك أن العمل والحركة مصدر قوة النفس والجسم.
ويؤكد سماحة الشيخ أنه لا يوجد سر خفي، ولا لغز غامض، ولا عامل غيبي، ولا تأثير إعجازي يكمن في التفاوت الكبير والبون الشاسع والهوة الواسعة التي تفصل بيننا كعالم ثالث أو دول نامية وبين العالم المتقدم أو الدول الصناعية، ويشير إلى أننا لا نعاني من نقص في العدد ولا قلة في الإمكانات والثروات الطبيعية، ولا نشكو من ضعف في القدرات الذهنية أو مستوى الذكاء وامتلاك المواهب، متسائلاً : لماذا تقدم الآخرون في ميادين العلم والصناعة والحضارة وبقينا في أسر التخلف وربقة التأخر؟.
ويطرح في آخر كتابه أمثلة من كوريا الجنوبية، كما يشير لليابانيين الذين يعشقون العمل ، كما يتحدث عن أسباب الزعامة الأمريكية للعالم ، ثم يذكر صوراً من الماضي القريب ، وينهي الكتاب بالتحدث عن إتقان العمل ، ومقاييس الجودة والإتقان ، وكيفية التعامل مع العمل ، وأبرز الأسباب والعوامل التي تكرس رداءة العمل وعدم جودته كضعف الرغبة والإخلاص ، وضعف الوعي الاجتماعي والوطني ، وغياب المحفزات ، وانعدام الرقابة والتقويم ، وتأثير الأجواء العامة.
الكتاب : العمل والفاعلية طريق التقدم.
المؤلف : سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار .
الناشر : أطياف للنشر والتوزيع.