(ربِّ ارجعون) يؤتي أكله
بدأ فيلم (ربِّ ارجعون) ذو الإنتاج المحلي في الانتشار بين أبناء الجالية العربية في أستراليا، وبدأت أحاديثه تشيع بين الشباب.
فكرة الفيلم روحية وأخلاقية جميلة، تعيد صياغة تفكير الإنسان لمستقبله وآخرته، وتدفعه للبعد عن الاستهتار والتهاون في واجباته وقضاياه الدينية، وهي توجيهات يتداولها الوعاظ على منابرهم المختلفة.
لكن الفيلم الذي جاء في سيناريو وإخراج رائع، بدأ يستقطب أجيال الشباب في أستراليا لأنه يقدم النصيحة والتوجيه ضمن عرض مترابط وجاذب، وبأسلوب فيه من الإثارة ما يدفع المشاهد للمتابعة حتى نهاية الفكرة ، التي تعزز نفسها مع كل مشهد وحديث.
ربما كانت اللهجة المحلية تمنع بعض الجاليات العربية من الفهم، لكن تتابع المشاهد وقدرة الممثلين ساهما بشكل فعال في توضيح الفكرة وتداولها.
سمعت في هذه الأيام ثناء كبيرا من الآباء الذين طلبوا مني أن أوصله للقائمين على هذا الإنتاج (قطيف فرندز)، والذي أرجو أن يكون وصلهم عبر هذا المقال.
لقد كان شكر أولئك الآباء لأنهم يعون ثقل مهمة التوجيه والتربية في الدول المنفتحة، ويدركون تماما أن القيم والمبادئ يصعب أن تتركز في نفوس الشباب بانتهاج أسلوب الخطابة والوعظ فقط، وإن كانت ذات أثر محرز، لكن تسلل هذا الفيلم وغيره من الأفلام الهادفة من زاوية الفن والإثارة الموجهة وبالأساليب التي يعشقها الشباب ربما يكون أكثر نفعا وفائدة.
هناك العديد من المشكلات التي تتعب الجالية العربية والإسلامية ليس في استراليا فحسب، بل في كل دول المهجر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تربية الأولاد والفتيات على القيم والمبادئ الدينية، فالمجتمع الآخر يأخذ حيزا كبيرا في نفوسهم ونمط تفكيرهم، وهو ذو أثر بالغ لا يمكن التنكر له بالنفي والاستخفاف.
وهناك مشكلة أخرى في التواصل بين الآباء وأولادهم باعتبارهما من جوين وثقافتين (اجتماعيتين) مختلفتين ، وعلى وجه الخصوص حين يبلغ الأب من الكبر مبلغا متقدما.
وهناك مشكلة أخرى لعل آثارها على الأولاد ليست قليلة، وهي قضية التفكك الأسري، الذي لا تنتهي خلافاته إلا بتعليق الزوجة أو تطليقها مما يعرض الأطفال لأخطار عاطفية وأخلاقية فادحة.
وهناك ضرورة التأكيد على المنحى العلمي في عقول الأولاد، لتكون الدراسة هما كبيرا لا يغفلونه، ولا يندفعون للعمل (تشبها بآبائهم) قبل تسلمهم شهاداتهم العليا.
هذه القضايا وغيرها من المشاكل الأخلاقية نحتاج في علاجها إلى أساليب توجيهية مؤثرة وجديدة، والفن أحد أهم تلك الأساليب والصيحات التي أثبتت نجاحها.
أختم بالقول ان كل ما سبق من الحديث لا يعني أن الحاجة لتجديد الأساليب في مجال التوجيه هي حاجة ومطلب لأبنائنا في المهجر، بل هي حاجة ملحة لمن يعيشون معنا وفي دولنا الإسلامية المحافظة، فالعالم كله كما يقال أصبح قرية واحدة، وجديده في مكان ما لن يتأخر عن الوصول لمكان آخر إلا كلمح البصر فقط.
فهل سنسرع في أساليبنا التوجيهية والبنائية كما يسرع التدمير لعقول أجيالنا؟