الصفار: كان الفقيد سليم القلب رحب الصدر لا يحمل حقداً أو ضغينة على أحد
عائلة العلامة العُصفور تُطلق مؤسسة خيرية باسم الشيخ أحمد في الذكرى الأولى لرحيله
أعلنت عائلة الفقيد العلامة الشيخ أحمد خلف العصفور، إطلاق مؤسسة تُعنى بالأعمال الخيرية، وتحمل اسم «مؤسسة الشيخ أحمد العصفور الخيرية»، وذلك في الذكرى الأولى لرحيله، والتي أحيتها العائلة بحفل أقيم مساء أمس الأول (الخميس)، في مأتم الحاج حسن العالي، بحضور عدد من علماء ورجال دين من داخل البحرين وخارجها.
الحفل الذي قدمه الإعلامي غازي عبدالمحسن، ألقى فيه رجل الدين السعودي الشيخ حسن الصفار، كلمة وصف فيها العلامة العصفور بأنه كان سليم القلب، رحب الصدر، لا يحمل حقداً أو ضغينة في قلبه على أحد.
وتوفي الشيخ العصفور في (12 أكتوبر/ تشرين الأول) من العام الماضي (2014)، عن عمر ناهز 90 عاماً، وذلك بعد تدهور حالته الصحية وإدخاله إلى المستشفى العسكري.
وقال الصفار، في كلمته، إن العصفور «رجل حباه الله تعالى نعماً كبيرة وعظيمة، ومن أبرز تلك النعم سلامة القلب، وطهارة النفس، إذ كانت نفسه نقية من الأحقاد والضغائن، لذلك حري بنا أن نقف عند هذه الصفة العظيمة، لنستفيد من ذكرى هذا العبد الصالح، العالم الفاضل، ما يفيدنا في حياتنا وسلوكنا، ولآخرتنا».
واعتبر أنه «أنموذج للقلب الطاهر، والصدر الرحب الواسع، له رأي وموقف، ويختلف مع هذا أو ذاك في رأيه أو موقفه، لكن كما يظهر كان قلبه يتسع للجميع».
واستذكر مواقف له مع العصفور، قائلاً: «أذكر أني جلست معه أكثر من مرة، وحينما يأتي ذكر من يختلف معه في رأي سياسي أو ديني أو اجتماعي، لم يكن يسمح لنفسه أن يسيء إليه، وكان يقول دائماً إن له رأيه ووجهة نظره». وأكد أنه «لم يكن ينال ممن يخالفه ويختلف معه في الرأي».
وتحدث الصفار عن الخلافات والنزاعات في المجتمعات، مبيناً أن «في العالم العربي تسيّرنا الانفعالات أكثر مما يسيرنا العقل، ولذلك كل مشكلة وبدلاً من أن تحل تتوالد وتتفاقم».
ودعا إلى النظر إلى المجتمعات الأخرى التي لا تمتلك هدياً كما يمتلكه المسلمون، وكيف يديرون خلافاتهم، ويرون أن المصلحة تقتضي أن تدار الخلافات بصورة لا يكون فيها حقد أو ضغينة.
ولفت إلى أن الضغائن والأحقاد عندما تتسلل إلى قلب الإنسان وتتوغل فيه، يحتاج الإنسان إلى جهاد لنزع هذه الأحقاد.
وأفاد بأن الإنسان في حياته يواجه نزاعات ومشكلات؛ لأنه يعيش مع من يختلف معه في الموقف والرأي، ومن يتضارب معه في مصلحته، معتبراً أن هذه الاختلافات أمر طبيعي في المجتمع الذي يعيش الإنسان البشري ضمنه. ورأى أن الإنسان لا يستطيع تجاوز الصراعات والنزاعات، وأحياناً تفرض نفسها عليه.
وقال: إن «على الإنسان أن يبتعد عن الخصومات والنزاعات مهما استطاع، لكن أحياناً يجد الإنسان في موقف من أجل فكرة أو قيمة أو حق أو مصلحة، قد يفرض الصراع نفسه عليه، والإسلام ينتهج الواقعية في هذا الجانب، ولا يتعامل مع الإنسان كملك، يطلب منه ما لا يمكن في حياته».
وأوضح أن من أهم الضوابط والمبادئ في التعامل مع النزاعات أن يكون الإنسان متنبهاً، حتى لا يتحول النزاع والصراع إلى حقد دفين.
وتابع «أنت تختلف مع أحد حول موضوع سياسي واجتماعي، أدر الخلاف معه حول هذا الإطار، لا أن يتحول إلى حقد وضغينة».
واستشهد بالأنبياء والأئمة الأطهار الذين حملوا رسالات الله سبحانه وتعالى، كيف أنهم كانوا يواجهون الكفار والمشركين، وكانوا يواجهون الخلافات والنزاعات، لكن لم يكونوا يحقدون على الآخرين، بل كانوا يسعون إلى هدايتهم.
وتابع «كان الأئمة يتعاملون بصفاء قلب وطهارة نفس مع من يختلفون معهم».
كما دعا إلى أن يدير الإنسان اختلافه مع شخص آخر بشان مسألة سياسية أو اجتماعية، في إطارها، وألا يطوّرها إلى خلافات تخلق الحقد والضغينة.
وأكد الشيخ الصفار أن الإنسان حينما يسمح للحقد والغل أن يتغلغل إلى نفسه فهو يؤذي نفسه، فالحقد والضغينة إيذاء وثقل على قلب الإنسان.
من جانبه، أبّن الشيخ محمد محسن العصفور، العلامة العصفور، قائلاً: «ستبقى خالداً بعلمك وحسينيتك، ومحبة هؤلاء الذين اجتمعوا في ذكرى رحيلك»، مؤكداً أن الشخصية العظيمة لا يمكن لشخصية أخرى أن تسد مسدها، فأبناء العم (أبناء الشيخ أحمد العصفور) على مكانتهم ومعزتهم، لا يمكن أن يسد أحدهم مكانة الشيخ أحمد، إلا أنهم بتوحد كلمتهم واجتماعهم وتكاتفهم سيبقون القامة المستمرة التي تعيش فيها هذه الشخصية العظيمة.
وذكر أن العلامة العصفور ارتبط بشكل وثيق بالإمام الحسين ، وأصبح اسمه مرتبطاً بالحسين، على رغم ما يحمله من علم.
وحيّا العصفور الحضور في حفل التأبين، بقوله: «لكم حق علينا بحضوركم الذي يمثل عرفاناً وتبجيلاً واحتراماً لشخصية عزيزة علينا، الفقيد الغالي».
وأضاف «لا إشكال ولا ريب في أننا ممنونون لكم بالشكر والتقدير، النابع من وجداننا لما تجشمتموه من عناء الحضور من خارج البحرين وداخلها، ولا غرو أن تحظى شخصية كشخصية الأب الغالي الكبير، لما جمع من عناصر المحبة في قلوب المؤمنين، ما يسمح له هذا الامتداد، والاحترام والتقدير».
ووصفه بأنه «شخصية علمائية حسينية، إيمانية وولائية، كلنا نحتفل بهذه الشخصية، بمواقف، لكن أكثرها وضوحاً الارتباط الصادق بالحسين ، ولا غرو أن نحتفل اليوم مؤبنين بعد عام، والعام ليس بكثير، لكننا مطمئنون إلى ما بعد 100 عام وأكثر، بفضل محبتكم، واحتضانكم للعلماء، وتبجيلكم لهذه الأسرة التي أنجبت من العلماء على امتداد الأخيار الأبرار».
وألقى الملا السيدعبدالخالق الوداعي قصيدة شعرية بالإنابة عن الشاعر عبدالله القرمزي. فيما ألقى الشاعر عدنان الحلواجي قصيدة شعرية أخرى.
وعُرض خلال الحفل فيلم قصير، تحدث فيه الشيخ العصفور عن بداية مشواره في الخطابة الحسينية، وتلقيه العلوم الدينية. وضم الفيلم مقاطع رثائية وأشعاراً حسينية، وصوراً للقاءاته مع علماء دين، وحضوره في المجالس الحسينية. هذا، وقدمت عائلة الفقيد العصفور قرصاً مدمجاً للحضور في الحفل، يحتوي على خطب الجمعة للفقيد.