تقديم لكتاب بوح الخاطر للشيخ منتظر آل شياب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة السلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.
مخاطبة وجدان الإنسان ومشاعره هي الطريق الأقرب والأكثر تأثيراً على النفس وانعكاساً على السلوك.
ذلك لأن منطقة الوجدان والمشاعر هي التي تخلق توجهات الإنسان، وتحرك إرادته نحو الممارسة والفعل.
أما قدرة التفكير والتعقل فهي أداة الإدراك والمعرفة، لكن دورها ينتهي عند حدود التشخيص والتمييز بين الخير والشرّ والصواب والخطأ، ليبقى دور المشاعر والعواطف هو الحاسم في ترجيح الخيارات، واتخاذ القرارات.
لذلك تركّز التوجيهات الدينية والمناهج التربوية على إثارة وجدان الإنسان ومشاعره لكي تنحاز إلى جانب العقل، وتسلك جادة الخير والصواب، متجاوزة رغبات الشهوة والهوى.
وحين يأتي التوجيه والإرشاد بلغة وجدانية رقيقة، وبأسلوب أدبي رشيق، فإنه يكون أقدر على النفاذ إلى القلوب، والتأثير على النفوس.
وهذا ما وجدته متحققًا فيما جاد به يراع الشاب الفاضل الشيخ منتظر آل شياب في خواطره الجميلة الرائعة التي جمعها في كتابه وباكورة إنتاجه (بوح الخاطر).
وقد استمتعت جداً بقراءة هذه الخواطر في ساعة من ليلة رمضانية مباركة، وشعرت وأنا اقرؤها بأنها حديث صادق من القلب، تكشف عن مستوى متقدم من الوعي الديني والاجتماعي.
وقد تنوعت أغراض واهتمامات هذه الخواطر الشيّقة، ففيها ما يحلق بالإنسان في أجواء السمو الروحي بالانفتاح على الكمال الإلهي، وفيها ما يوثّق المعرفة والارتباط بالقيادات الدينية الهادية، عبر التأمل في سيرتهم المشرقة وكلماتهم المضيئة، وفيها ما يتناول إدارة علاقة الإنسان بمن حوله من زوج وأبناء وأصدقاء، كما توجه قسم من هذه الخواطر للاهتمام بجيل المستقبل الصاعد وهم الشباب، والتذكير بتطلعاتهم وهمومهم وواجب المجتمع تجاههم، ولأن الكاتب ينتمي لجيل الشباب فمن الطبيعي أن تعبّر خواطره بشكل أفضل عن واقع ما يعيشونه ويصبون إليه.
إنني اتفاءل لكاتب هذه الخواطر الشيخ منتظر آل شياب وفقه الله بمستقبل واعد مشرق في خدمة الدين والمجتمع، بلسانه وقلمه وسلوكه القويم.
وأرجو له المزيد من التوفيق في كسب العلم ونيل مراتبه العالية، وفي نشر المعرفة والفضيلة.
وأهيب به وبأمثاله من المنتمين إلى سلك الحوزات العلمية والخطابة المنبرية، أن يشمّروا أكثر عن ساعد الجد والاجتهاد، وأن يتصدوا لهموم مجتمعاتهم ومواجهة التحديات الخطيرة التي تحيط بها، وأن يطوروا لغة خطابهم لتكون أقرب للقلوب، وأوقع في النفوس وأكثر مواكبة لتطورات العصر والحياة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
حسن الصفار
5 رمضان المبارك 1441هـ
29 أبريل 2020م