وسطية السيد السيستاني
إذا أصبح الدين والعلم في أيد أمينة عليهما تضعهما في مكانهما السليم، فإنهما سيخدمان الناس. فكلاهما جاء لإسعاد الناس. ولكن، إذا انحرف العلم عن مساره الصحيح، صار وسيلة لتفتيت ودمار المجتمعات كما هو حاصل في الحروب التي تأكل من خيرات الأوطان وتستنزف الطاقات المختلفة. هذا بخلاف إذا ما سلك مساره الصحيح، فإنه سوف يعمر الأرض ويرتقي بعقول الناس ويسعدهم في حياتهم. كذلك فإن الدين إذا استخدم في طريق مخالف لمساره الصحيح، أصبح وباء على الناس يمزق صفوفهم حيث إنه أصبح مصدرا للتعصب والتطرف المقيت، كما رأينا ذلك في صفوف المتطرفين الذين جعلوا من الدين وسيلة لدمار الناس. لكن، في المقابل، إذا استخدم الدين في مساره السليم، فإن الجميع ينسجمون مع بعضهم البعض ويستطيعون معالجة كثير من المشاكل ويتعاونون على رفع مستوى أوطانهم.
السيد علي السيستاني المرجع الأعلى في الطائفة الإمامية أنموذج للوعاء الحافظ للدين. فكل متتبع لدعواته الواعية لحفظ الدين وإسعاد الناس، يجد في أطروحاته ما يدعو لحفظ حقوق الناس. فلا تجد عنده صرخات طائفية تفتت انسجام الناس مع بعضهم البعض. إنما دعواته كلها في مصلحة الناس.
في هذا الإطار أطل علينا الشيخ حسن الصفار في خطبة يوم الجمعة ببعض ما يدعو له سماحة المرجع حفظه الله عند لقائه به. يقول الشيخ الصفار" يؤكد السيد السيستاني أن التحديات والمشاكل من طبيعة الحياة، ويوجه إلى استحضار الثقة بالله والتوكل عليه، وأنّ على الإنسان القيام بواجبه تجاه دينه ومجتمعه، ويطمئن إلى عون الله ورعاية النبي وأهل بيته.
إن سماحته يحفز على التفكير الواعي بعيدًا عن سيطرة العواطف والانفعالات، ويؤكد على الاعتدال في الخطابات والمواقف.
وقد ركّز السيد المرجع على ضرورة الاهتمام بالشباب وتوعيتهم دينيًا، وتوجيههم إلى حسن المعاشرة والتعامل مع الآخرين، فذلك ما يضمن نجاحهم، ويعطي الصورة المشرقة عن انتمائهم الديني.
إن للمرجع السيستاني اهتمامًا كبيرًا بترشيد الخطاب الديني، وله آراء وتوجيهات مهمة على هذا الصعيد تضمنتها بيانات مكتبه في مناسبات مختلفة.
إن مثل هذه التوجيهات التي نقلها الشيخ الصفار حفظه الله تنبئ عن وعاء حافظ للناس يخاف عليهم ويسير في مسار الدين الصحيح الذي جاء لرفع الأغلال عنهم. كماء أن هذا المسار يبعدنا عن التطرف والغلو، ويساعد في رفع مستوى الأمة، ويعين على رفع مستوى التفكير عندهم وينهض بعقولهم.
بهذه الطريقة التي ينتهجها سماحة المرجع السيد السيستاني يحفظ للدين كرامته، ويعطي الآخرين السمعة الطيبة عنه، ويقبلون عليه لأنه دين التسامح الذي جاء لإسعاد الناس ورفع الأغلال عنهم.