تقديم كتاب: للخطوبة أسرارها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.
حين تريد إقامة مبنى أو عمارة، فإنك بحاجة إلى تصميم خريطة يقام المبنى على أساسها، ويبدأ البناء بإرساء القاعدة التي يقوم عليها، وكلما كانت الخريطة متقنة التصميم، وكانت القاعدة صلبة راسخة، كان البناء أكثر قوة وجمالاً، واستيفاءً للأغراض التي أقيم من أجلها.
وحين يشبّه الحديث النبوي الشريف الزواج بالبناء في قوله: «ما بني في الإسلام بناء أحب إلى الله عزّ وجلّ، وأعز من التزويج»، فإن بإمكاننا أن نستوحي من هذا التشبيه، الحاجة إلى رسم خارطة علاقات واضحة بين من يرغبان في الاقتران والزواج، تحدّد شكل ومعالم الصرح الإنساني الذي يريدان إقامته من خلال زواجهما.
كما أن عليهما أن يهتمّا أولاً بإرساء قاعدة راسخة من الحب والتفاهم، يقوم عليها بناء علاقتهما الزوجية المستقبلية.
وإذا ما رأينا الضعف والاهتزاز في بعض الكيانات الزوجية، فإن من المحتمل جداً، وجود خلل في التصميم الهندسي للخريطة التي قام الزواج على أساسها، أو في القاعدة التي بُني عليها.
من هنا تظهر أهمية الوعي والمعرفة بأسس واستهدافات الحياة الزوجية، لمن يريد الإقدام عليها، ولا يكفي الدافع الغريزي العاطفي لبناء كيان اجتماعي راسخ.
ومع تطورات الحياة الاجتماعية، وتأثيرات الانفتاح الثقافي، وهيمنة الإثارات العاطفية، يصبح التحدي كبيراً أمام توفير ضمانات النجاح لإنشاء حياة زوجية سعيدة قويمة.
ويبقى الرهان قائماً في المجتمع، على مدى توفر برامج التوعية والتأهيل، للمقبلين على الزواج من الفتيان والفتيات.
إن قيام مؤسسات تُعنى بعقد دورات للتأهيل للحياة الزوجية، ووجود وسائل للتوعية والتثقيف بطبيعة الحقوق المتبادلة بين الزوجين، وأساليب الفهم والتفاهم المشترك. كل ذلك يساعد على تحقيق ضمانات أكبر لنجاح الكيانات الزوجية، وحمايتها من أسباب الاهتزاز والاضطراب.
ومن هنا تأتي أهمية تقديم البحوث والمعالجات التي تتناول شؤون الزواج، وقضايا تكوين الأسرة، لتكون رافداً لتشكيل الوعي السليم بمقتضيات الحياة الزوجية.
وبين يدي القارئ الكريم جهد موفّق بذلته الأخت الفاضلة نعيمة عبد الأمير آل حسين، يتناول المرحلة التأسيسية للحياة الزوجية، وهي مرحلة الخطوبة، والمقصود منها هي المدة الفاصلة بين اتمام عقد الزواج الشرعي، وبين الدخول وتحقق الحياة الزوجية الفعلية. حيث تشكل هذه المرحلة، وخاصة في الظروف الاجتماعية الحاضرة، حالة مفصلية تكتنفها احتمالات متعددة، تتراوح بين تحقق الانسجام الكامل، والعزم الراسخ، لدى الطرفين على إكمال مشوار السعادة والنجاح، وبين الاخفاق في التوافق، والسير باتجاه الفسخ والطلاق. وما بين هاتين الحالتين من تعثّر في العلاقة، وحدوث بعض المشاكل والخلافات، التي قد تترك آثاراً سلبية على مستقبل الحياة الزوجية.
لقد تناولت الأخت نعيمة هذا الموضوع بلغة واضحة، وأسلوب جميل، وعزّزت طرحها بقصص من أرض الواقع، ليكون أكثر حيوية وتأثيراً.
فجزى الله الأخت الكريمة خير الجزاء، ووفقها للمزيد من الإنتاج والعطاء، في خدمة الدين والمجتمع، ونأمل أن يشق الكتاب طريقه للانتشار والتداول، في أوساط الشباب والشابات، ليستفيدوا من الأفكار والتجارب والتوصيات التي تضمنها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
حسن الصفار
28/6/1438ﻫ
27/7/2017م