خطاب متجدد.. قراءة في كتابات الشيخ الصفار
أشكر سماحة الشيخ حسن الصفار لإهدائي تحفة قيّمة وهي كتاب " مسارات في ثقافة التنمية والإصلاح " مكوّن من عشرة أجزاء، ويتضمّن الكتاب خطب الجمعة الملقاة خلال عقد من الزمن (1430 -1439 هجرية)، كما يضم الكتاب حوارات ولقاءات وزيارات الشيخ خلال هذه الفترة من الزمن. لقد اطلعت على مواضيع الكتاب ، وعناوين الخطب بالذات ، وقرأت بعض الخطب فوجدت علما غزيرا وسعة في الأفق واهتمام بالغ بالمجتمع. أرى وبكل موضوعيّة أن هذه الخطب هي بمثابة بحوث متنوّعة ، أغلبها اجتماعية مع وجود مواضيع دينيّة ، يمكن الاستفادة منها من قبل العامة لسهولة أسلوبها كما يمكن الاستفادة منها من قبل المتخصّصين من علماء المجتمع ومثقفين لأن المواضيع المطروحة موثّقة بآيات قرآنية ونصوص روائيّة وحقائق علميّة.
وحيث أن الخطاب في الخطب متجدّد ، فلن يشعر المستمع حضوريّا أو عبر قنوات الاتصال بالملل بل بالعكس سيكون هناك تشوّق للاستماع وذلك لأن بعض الخطباء دأب على الحث عل التديّن والتقوى وهو شيء مطلوب ومهم لكن لا بد للخطيب من إضافة التحدّث عن قضايا الساعة ومشاكل المجتمع ووضع حلول لها من الجانب الديني. وهذا ما تجده عند الشيخ حسن، فتراه واقفا على ما استجد في الساحة ويطرحه في الخطب والموضوع حار كما يقال. ومن الملاحظ على بعض الخطب الشجاعة في الطرح حيث يكون الموضوع ذو حساسيّة لدي العامة والخاصّة من أبناء الطائفة ومن المحتمل التحفّظ أو الانتقاد من البعض، وهذا يسجّل للشيخ لأن الكثير من الخطباء يهابون ردّة الفعل.
هذا وقد أهداني سماحة الشيخ قبل سنين تحفة قيّمة أخرى وهي عمل مماثل للكتاب أعلاه للعقد 1420 – 1429 هجرية وعنوان الكتاب " أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع " وهو أيضا مكوّن من عشرة أجزاء ، ويمكن القول فيه ما قيل في الكتاب اللاحق له تماما. إنّ في هذا العمل وذاك توثيق للخطب والأعمال التي قام بها الشيخ للتاريخ والجغرافيا ليتم الاستفادة من قبل الكثير من المهتمّين بدل استفادة الحاضرين للخطبة فقط.
وفي الحقيقة يُعتبر الكتابان موسوعة علمية فريدة من نوعها في معالجة مشاكل المجتمع وتنوير الفكر وتقوية الإيمان ، بل حتّى في التطرق لأمور تهم الأمّة الإسلامية مثل الوحدة الإسلامية والقضيّة الفلسطينيّة. هذا بالإضافة للكتب الكثيرة التي ألّفها الشيخ وتم طبعها والتي أهداها الشيخ لي وهي كتب تتناول مواضيع شتّى ومهمّة. كما لا يمكن الإغفال عن نشاط الشيخ المتنوّع من تجديد خطاب المنبر ، والتواصل مع علماء ومفكرين ومثقفين من كل الطوائف وغير ذلك من نشاطات ممّا يندر وجوده لدى علماء الدين بل لنقل لدى المفكّرين.
فجزى الله الشيخ حسن خير الجزاء لما قام به من أعمال جليلة التي بدون شك تأخذ من وقته وجهده الكثير والتي تصب كلها في صالح المجتمع والوطن. أتمنّى للشيخ طيلة العمر في خير وعافية لطباعة كتب مماثلة في العقود القادمة.