سماحة الشيخ يحتفي بذكر الغدير في أم الحمام
وبعد تلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم، وكلمة الافتتاح التي ألقاها مدير الحوار الشيخ محمد عبد العال ألقى سماحة الشيخ كلمة هنأ فيها الحضور بالعيد الكبير عيد الغدير، وتحدث في بداية كلمته عن معنى العمل الإسلامي وقال: إنه يعني العمل من أجل الإسلام، ونشر المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام. ثم تحدث سماحته عن ما تميز به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فأصبح بلا منازع رائد العمل الإسلامي بعد رسول الله . ومن تلك الميزات:
أولاً- العائلة.
فأمير المؤمنين نشأ في عائلةٍ تبنت الدعوة الإسلامية من أول أيامها. فأبوه أبو طالب ، هو المدافع والمحامي عن الإسلام. وأمه فاطمة بنت أسد وهي التي يشهد لها الرسول الأعظم بالمكانة والمنزلة الرفيعة، والتي بذلت رعايتها وحنوها للرسول يوم كان في كفالة عمه أبي طاب.
ثانياً- السمات الشخصية.
توفرت في علي عليه السلام سماتٌ قل أن تجدها في غيرها من أصحاب رسول الله ومن تلك السمات:
أولاً- الوعي.
الوعي مهمٌ جداً للعامل الإسلامي، لأن العمل الإسلامي بلا وعي يُسيء للإسلام بدلاً من خدمته، ففي الرواية «عن انس بن مالك قال: اثنى قوم على رجل عند رسول الله . فقال : كيف عقله؟ قالوا: يارسول الله نخبرك عن اجتهاده في العبادة واصناف الخير، وتسألنا عن عقله؟! فقال : ان الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غداً في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم»
وقال سماحة الشيخ إن الوعي مهمٌ في بعدين:
الأول: الاعتناق الديني.
إذ أن الفرد إذا اعتنق الإسلام عن وعي ومعرفة فإنه يكون أكثر تمسكاً بالدين من الذين يعتنقون الدين عن غير وعي.
الثاني: الممارسة الدينية.
كذلك الوعي يعطي الإنسان اندفاعاً نحو الممارسة الدينية برغبة واقتناع، وعلى بصيرةٍ وإدراك.
ثانياً- الإخلاص.
يتجلى الإخلاص عند أمير المؤمنين في أجلى صوره وأرقاها، فهو قد أخلص للمبدأ والدين بغض النظر عن جانبه الشخصي. وفي ذلك درسٌ لنا جميعاً إذ ينبغي للعاملين في سبيل الله أن يتحلون بهذه الصفة إذ بها يرتقي العامل للإسلام سلّم المجد والكمال فتراه يعمل لا لأجل السمعة والجاه ومدح الناس وإنما يعمل من أجل إعلاء كلمة الحق.
وبالإخلاص يتجاوز الإنسان ذاته والتمادي الفئوي والمذهبي ليوظف موقفه لمصلحة الأمة والرسالة كما فعل الإمام علي بعد وفاة رسول الله .
ثالثاً- الاستمرارية.
كثيرٌ هم العاملون في سبيل الإسلام، ولكن قيلٌ منهم الذي يستمرون في العمل والعطاء، ترى البعض منهم ما أن يتزوج أو يُنجب أطفالاً يبتعد عن العمل ويرفع شعاراً وهمياً لا أساس له من الصحة بأنه يدع الفرصة للآخرين. اسمعوا ما يقوله أمير المؤمنين : «لقد نهضت بها وأنا دون العشرين، وها أنا قد ذرّفت على الستين. »
رابعاً- التضحية والعطاء.
وذلك بأن يكون الإسلام هو الهم الأول والمحور الأساس في حياة الإنسان، ومن أجله يبذل الجهد والوقت والمال، ويُضحي بالسمعة والمنصب والمكانة.
تعالوا نتتلمذ على يد أمير المؤمنين فهو المعطاء وهو المضحي ضحى بالخلافة من أجل الإسلام، وضحى بالأصدقاء من أجل كلمة الحق وضحى بنفسه من أجل إعلاء كلمة لا إله إلا الله.
من خلال كل ذلك كان أمير المؤمنين وما زال رائد العمل الإسلامي، وعلى كل من تتوق نفسه للعمل الإسلامي أن يتخذ من سيرة أمير المؤمنين مشعلاً وضّاءً يضيء له درب الهدى والصلاح.
وبعد الكلمة دار حوارٌ شيقٌ بين سماحة الشيخ والحضور الكريم، أثري فيه بعض النقاط الملامسة لقضية الغدير وأهميتها، وأيضاً الدروس التي ينبغي استقاؤها من حياة أمير المؤمنين كتحديد الأولويات في الزمن المعاصر إقتداءً بما كان يُمارسه أمير المؤمنين في حياته، وكذلك طبيعة العمل الإسلامي المطلوب في الوقت الحاضر من خلال سيرة أمير المؤمنين .
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.